منذ عودتى من الولايات المتحدة الأمريكية بعد زيارة عمل قصيرة، وأنا أحمل بداخلى سؤالًا صعبًا لماذا لا نأخذ من أسباب التقدم الأمريكى فى كل النواحى وكيف استوردنا من أمريكا أسوأ ما فيها وتركنا أعظم ما فى أمريكا وهو النظام والالتزام، وهو ما جعلنى أبحر فى كل بحث عن الولايات المتحدة الأمريكية، عن كيف تقدم الأمريكان وتأخرنا نحن وغيرها من الأسئلة الصعبة التى أحاول من خلال الإجابة على عدد من الأسئلة الوصول إلى سبيل للسير فيه، فربما نصل إلى ربع ما وصلت إليه أمريكا التى لم أكن أعرف منها قبل السفر إليها سوى الوجه القبيح لبعض حكومها ورعايتها القذرة لدولة العدو الإسرائيلى، ومن خلال بحثى عن أسباب التفوق الأمريكى كان من الضرورى أن أطرح سؤالًا آخر وهو هل أمريكا قادرة على الحفاظ على وضعها الدولى؟
والحقيقة أن الإجابة على هذا السؤال جاءت فى الدراسة التى وضعها المؤرخ روبرت كاجان–وترجمها وقدمها الباحث بمكتبة الإسكندرية محمد مسعد العربى، حيث يتساءل كاجان عما إذا كانت أمريكا قادرة على الحفاظ على وضعها الدولى أم لا. ويقول إن المتشائمين بمستقبل القوة الأمريكية يتشككون فى هذا، وفى قدرة الولايات المتحدة على الاستمرار فى لعب دورها فى العالم كقوة مهيمنة، كما كان الأمر فى الماضى. ويرى بعضهم أنه إذا كان حديث بول كيندى فى عام 1987 عن الترهل الاستراتيجى غير صحيح آنذاك، فهو يصف المأزق الأمريكى حاليًا بدقة، وبالتالى يدعون إلى أن تتخلى أمريكا عن مسؤولياتها الدولية.
غير أن كاجان يقول إن التزامات أمريكا الخارجية حاليًا ليست أكبر مما كانت عليه منذ خمسين عامًا. وفى عام 1968، كان لدى أمريكا نحو مليون جندى على أراضٍ أجنبية، 537000 فى فيتنام والبقية فى مناطق أخرى. على النقيض من هذا، فى صيف 2011، وفى ذروة الانتشار الأمريكى فى حربين، كان هناك 200000 جندى مقاتل فى أفغانستان والعراق معًا، ونحو 160000 جندى فى أوروبا وشرق آسيا وإجمالًا، وبتضمين القوات الموجودة فى مناطق أخرى من العالم، فهناك نحو نصف مليون جندى منتشرين بالخارج. كما أن هذا الانتشار لا يمثل سببًا للعجز الأمريكى، ولن تؤدى التخفيضات الكبرى فى ميزانية الدفاع إلى توفير أكثر من 50 إلى 100 مليون دولار من المدخرات السنوية.
يؤكد كاجان أنه لا يمكن حساب تكلفة البقاء فى هذا الوضع، دون حساب تكلفة فقدانه، فبعض تكاليف تراجع دور أمريكا فى العالم بالطبع لا يمكن حسابها كميًّا. فما قيمة أن يعيش الأمريكيون فى عالم من الديمقراطيات، بدلًا من عالم تحكمه ديكتاتوريات؟ ولكن بعض التكاليف يمكن قياسها، إذا حاول البعض أن يقوم بهذا. إذا أنتج انهيار القوة العسكرية الأمريكية نظامًا اقتصاديًا عالميًا متفككا، كانت هذه القوة قد أسهمت فى الحفاظ عليه، إذا أصبحت الطرق التجارية والممرات المائية غير آمنة، لأن البحرية الأمريكية غير قادرة على حمايتها، إذا انفجرت الحروب الإقليمية بين القوى الكبرى، لأنها لم تعد مقيدة بالقوة الأمريكية العظمى، إذا ما تعرض حلفاء أمريكا للهجوم، لأنها غير قادرة على الدفاع عنهم، إذا أصبحت طبيعة النظام الدولى أقل حرية وانفتاحًا.. كل هذا إذا ما حدث، فستكون هناك تكاليف ممن الممكن حسابها.
أما التساؤل عما إذا كان الأمريكيون قادرين على القيام بأعباء المنافسة فى القرن الحادى والعشرين أم لا، فيجيب عليه كاجان بأنه لا أحد يعلم إجابة هذا على وجه التحديد. إذا كان التاريخ الأمريكى يقودنا للإجابة على هذا، فهناك أسباب تدعونا للتفاؤل. فقد واجه الأمريكيون فترات عصيبة من قبل، والعديد من الأجيال السابقة شعرت بمعنى فقدان القوة، واستطاع الأمريكيون أن يتغلبوا على الكثير من الأزمات الحادة التى واجهتهم فى القرنين الماضيين من العبودية والحرب الأهلية حتى ووتر جيت.
لكن النجاح فى الماضى لا يضمن التفوق فى المستقبل. غير أن أمريكا تمتلك من المقومات ما يضمن نجاحها رغم حركة التاريخ، ومن بينها أن النموذج الأمريكى أظهر قدرة على تبنى والتعافى من الأزمات أكثر من أى نظام مماثل فى الأمم الأخرى، خاصة منافسيها الاستراتيجيين. ويرتبط هذا بدون شك بالحرية النسبية التى يتمتع بها المجتمع الأمريكى الذى يكافئ مبدعيه، والذين غالبًا ما ينمون خارج بنية السلطة القائمة، من أجل إنتاج طرق جديدة للتعامل مع الأمور. وكذلك يرتبط هذا بالنظام السياسى المفتوح، الذى يمكن الحركات الاجتماعية من أن تجد مسارًا لها للتأثير فى مؤسساته.
ويوضح كاجان أسباب القوة الأمريكية غير المعهودة فى تاريخ القوى الكبرى، بما حدث فى العام 1987، حيث رد رجال أعمال وساسة أمريكيون على دعاوى الانحدار الاقتصادى باتخاذ أفعال: تقليل النفقات، وتقليل حجم الشركات، وجعلها أكثر فاعلية، وجعلها تستثمر فى التكنولوجيا الجديدة، وتطوير ثورة الاتصالات، والتقليل من حد العجز الحكومى. وقد ساعد كل هذا فى تحقيق قفزات إنتاجية عامًا بعد عام، ومن الممكن تصور أن يتغلب الأمريكيون على أزمتهم الحالية بالطريقة نفسها ولا يستبعد كاجان أن تتعرض القوى الأخرى النامية «كالبرازيل، الصين، الهند، تركيا» إلى أزمات تعطل طريق صعودها، فلا توجد أمة تستطيع تحقيق معجزات اقتصادية دون أن تتعرض لأزمات. لكن أخطر ما قد يواجه الولايات المتحدة هو اعتقاد الأمريكيين بأن التراجع حتمى ولا مناص منه، أو أن الولايات المتحدة تستطيع أن تحصل على مهلة بالتخلى عن مسؤولياتها العالمية لتعيد ترتيب منزلها من الداخل. غير أن كاجان يؤكد أن هذا لن يفيد، فالحفاظ على بنية النظام الدولى تحت القيادة الأمريكية يشكل مصلحة مباشرة لواشنطن والعالم. وغدًا إن شاء الله نواصل البحث فى دفتر أحوال أرض الأحلام الولايات المتحدة الأمريكية.
عدد الردود 0
بواسطة:
العندليب الحزين
امريكا والكاوبوى
صديقى العزيز هناك الكثير من المطبلين والراقصين للسياسة الامريكية سواء صح او غلط انا والله مش سياسى ولكنن بالطبع متابع للوضع السياسى بجميع اشكاله واوضاعه وطرقه المختلفة العنيفة منها والهادئة نعم امريكا تلعب بلعبة السم فى العسل معنا نحن العرب منذ مئات السنين ونحن نصدقها نصدق انها تحبنا اكتر من اسرائيل ابنتها الوحيدة وانها تحبنا اكثر من ايران شريكتها الاستراتيجية سرا وانها خايفة علينا وعلى مصالحنا ...سنظل ندفع الفاتورة الى ما لا نهاية امريكا لديها احتياطى نقدى يكفى الوف الاعوام وكله من دم العرب احنا .يعنى سيدى امريكا ستظل كالبرغوت الذى يمص دم ضحيته ولا يخسر شئا بل يكبر وينمو وستصل الى اقوى واقوى وستظل القوة الوحيدة حتى اشعار اخر لانها تسيطر على الحليج بالكامل ونصف الشرق الاوسط واسيا باختصار تهيمن على نص العالم وجاى تقولى امريكا تغرق ,يا اخى ...حرام عليك ...واخيرا ...يصر توجيه اللغة العربية باحد المحافظات وانا هنا لا اذكر اسماء لاننى ا ترك لهم فرصة للعودة لان كل ما ينشر هنا يقرأ وعلى اعلى المستويات على البلطجة واستخراج نشرات بالمخالفة للقانون فى كل اوقات العام وللمحظوظين فقط واصحاب الواسطة بينما الغلابة لا طبعا ..ويصرون على ترك العديد من مدرسى اللغة العربية يعملون بوظائف ادارية بالمخالفة لكل القوانين الوزارية وبالواسطة فقط ...وكل هذ يحدث دون علم الادارة التعليمية التى اصبحت ( ) لا تعلم شيئا عما يحدث داخلها ..سيدى اعلم بان المواضيع لو وصلت الوزارة سيكون العقاب شديدا جدا ..ولكننا نترك فرصة للاصلاح حفاظا على الروابط الاجتماعية لعل وعسى ..